قال كريم الكلايبي، منسق مستشاري حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس مدينة الدار البيضاء، إن الفيضانات الناتجة عن التساقطات المطرية الأخيرة كشفت عورة البنية التحتية بالعاصمة الاقتصادية.
وحمل العضو المثير للجدل، في حوار مع جريدة هـسبريس الإلكترونية، مسؤولية “الكارثة” للمجلس وشركة ليديك الفرنسية، متهما عمدة المدينة وشركة ليديك بالتواطؤ من أجل تنحيته من رئاسة فريق حزب الأصالة والمعاصرة بسبب تصريحاته التي طالب من خلالها باستقالة العمدة وفسخ العقد مع الشركة الفرنسية.
بداية؛ ما هو تعليقكم على الوقائع التي عاشتها الدار البيضاء عقب التساقطات المطرية الأخيرة؟
للأسف، الصور التي شاهدناها بأم أعيننا، والتي تناقلتها وسائل الإعلام الوطنية والدولية ومواقع التواصل الاجتماعي، والخسائر الناجمة عن الفيضانات، سواء على المستوى البشري أو المادي، كشفت عورة البنية التحتية بالمدينة، خصوصا ما وقع في ملعب مركب محمد الخامس وكذا شوارع وأزقة مختلف المقاطعات، ما جعلها تتحول إلى فينيزيا إفريقيا.
هذه الأمطار التي شهدتها المدينة، كانت كمياتها قليلة وفي أيّام محدودة، لكنها عرَّت الواقع، عكس بلدان أخرى تعرف تساقطات طيلة السنة ولا نشاهد مثل هذه الكوارث والفضائح.
هذا الأمر كما تابعتم، خلف استياء كبيرا على صعيد المدينة والمملكة، نظرا لكون المغاربة لم يستسيغوا ما وقع بالدار البيضاء التي تعتبر القلب النابض للمغرب والمدينة الاقتصادية والعاصمة المالية، ويراهن عليها صاحب الجلالة والمغاربة كقاطرة للتنمية في البلاد، لكن للأسف أمطارا قليلة كشفت الفساد الذي يقع في الدار البيضاء وأبانت بالملموس عن سوء التدبير والتسيير بِهَا.
كما تحدثتم عن كون الفيضانات كشفت الفساد الذي تعرفه المدينة، في نظركم من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة؟
المسؤولية بطبيعة الحال بدرجة أولى يتحملها المجلس المنتخب، لأن الجريمة التي وقعت في حق سكان المدينة هي جريمة نكراء يتحمل مسؤوليتها المكتب المسير والعمدة، ثم الشركة المفوض إليها تدبير القطاع، التي لها مسؤولية كبيرة جدا، لكن كما تعلمون فالبيضاويون لم ينتخبوا شركة ليديك، وبما أن المجلس الجماعي هو من اختار الشركة فإنه بالتالي يتحمل المسؤولية الأولى في سوء التسيير.
وعندما نتحدث عن الكارثة، فنحن لا نتحدث فقط عن التطهير السائل، وإنما البنية التحتية برمتها، حيث شاهدنا جميعا كيف أن الترامواي غرق في الماء. إذن، فالشركة تتحمل المسؤولية من حيث تدبير مجاري مياه الأمطار، لكن هناك مسؤولية كبيرة على جماعة الدار البيضاء، نظرا لكون مشاريع بمليارات الدراهم تضررت من ذلك، وتبين من خلال ما عايناه خلال أيّام التساقطات أننا “بحالا تانخويو الما في الرملة”، وهذا يجعلنا نعتبر أن الصفقات الخاصة بالمشاريع التي تعقد مشبوهة، وأن بعض المنتخبين الانتهازيين ساهموا في هذه الفضيحة التي لم تعد محلية وإنما تناقلتها وسائل إعلام دولية.
تحدثتم عن كون المسؤولية تتحملها بدرجة أولى الجماعة ثم الشركة، لكن الملاحظ من خلال تصريحات مسؤولي المجلس والشركة أن كل طرف يلقي الكرة في مرمى الآخر. أنتم كمنتخبين، ما هي الخطوات التي ستقومون بها لتحديد من المسؤول عن الفضيحة؟
نحن كنّا ننتظر أن يقدم مسؤولو الدار البيضاء اعتذارا للبيضاويين والبيضاويات، ويتحملوا المسؤولية ولم لا أن يقدم العمدة استقالته كما طالبنا بذلك لإخماد الاحتقان المتواجد في الشارع البيضاوي، لكن هذا الأمر يغيب عن ثقافة المجالس المنتخبة، وضمنها مجلس البيضاء.
الآن، جرى تشكيل لجنة، لكن للأسف تم تكوينها من أعضاء المكتب الذين ليسوا سوى أعضاء لجنة التتبع الخاصة بشركة ليديك الذين لم يقدموا أي تقرير للمجلس، وهو ما نعتبره يفتقد لأي سند قانوني.
بخصوص لجنة التتبع الخاصة بليديك، تتحدثون عن كونكم لم تتوصلوا بأي تقرير منها، أليس هذا سٌبة في حق المجلس الذي يجهل عملها وتقاريرها؟
كما تعلمون، سبق لجلالة الملك أن تحدث في خطابه الشهير عن الدار البيضاء من داخل البرلمان عن غياب الحكامة، وهذا ما يتجسد من خلال هذه اللجنة، لذلك نحن نحمل الرئيس العماري المسؤولية، لأن دوره مد الأعضاء بتقارير لجان التتبع وكذا تقارير شركات التنمية المحلية، وهذا ما لا يتم للأسف.
والكارثة الكبرى أن الأعضاء الستة المشكلين للجنة التتبع، يتلقون تعويضات سمينة تصل إلى 24 ألف درهم لكل عضو شهريا كما تم تداوله في الإعلام دون نفيه من طرفهم، وهو أمر خطير جدا. تعويضات سمينة دون أن نتوصل بتقارير عن عمل اللجنة، هذا وحده يستوجب في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة مساءلتهم، ومحاسبتهم ولم لا محاكمتهم، لأن الأمر ليس سهلا؛ إذ يتعلق بقطاع حيوي ومهم اكتوى منه البيضاويون، خصوصا في ظل جائحة كورونا، بارتفاع أسعار الفواتير وغيرها.
ونعيد التأكيد أنه طوال هذه المدة لم نتوصل بتقارير من لجنة التتبع المذكورة، ولم يتم فتح ملف شركة ليديك بالمجلس رغم مطالبتنا بذلك.
هل يمكن اعتبارها إذن شركة “غول” لأن المجلس لم يفتح ملفها؟
المغرب دولة الحق والقانون، ولا أحد فوق القانون، لكن للأسف، طوال السنوات الخمس، لم يقم المجلس بفتح ملف ليديك، ولم يقدم على مراجعة العقد معها، ولو لم تكن هذه الأمطار والفيضانات التي كشفت عن هشاشة البنية التحتية، لما سمعنا حديثا عنها.
وكما تعلمون، فقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما خرجنا بتصريحات تحمل السيد العمدة والشركة المسؤولية فيما شهدته المدينة، حيث حاولوا محاربتنا لأننا اصطففنا بجانب المواطنين في هذه الكارثة.
في هذا الصدد، قام حزبكم الأصالة والمعاصرة بإعفائكم من رئاسة الفريق، فهل أديتم ضريبة مهاجمتكم شركة ليديك والعمدة؟
بالفعل، هنا يظهر أن هناك حربا تقع في المدينة، ولوبي فساد يحارب صوت الحق، العمدة ارتكب خطأ كبيرا وهو يتلو على الأعضاء رسالة من حزبنا الأصالة والمعاصرة تفيد تعيين رئيس جديد بدلا عني، لأن الفريق هو جهاز من أجهزة المجلس وليس جهازا للحزب.
فالفريق بالمجلس ينتخب رئيسه من طرف المستشارين، ونحن كمستشارين بالأصالة والمعاصرة لم نتوصل باستدعاء من الحزب لانتخاب رئيس جديد، وما يوجد حاليا هو تعيين وليس انتخاب، وقد تواصلنا مع الأمين العام الذي رفض ما تم القيام به.
نحن ندرك أن هذه الضغوط سنتعرض لها وسيتعرض لها كل من يواجه هذا اللوبي، ولهذا نود القول إننا أعضاء تم انتخابنا من طرف المواطنين وليس من طرف مسؤول حزبي.
ونشدد على أن هناك تواطؤا واضحا للسيد العمدة في هذا الموضوع، لأننا صرنا صوتا مزعجا له، ورغم ذلك، فمواقفنا لن تتغير، فنحن لا نتلقى تعويضات وامتيازات عكس الآخرين، حيث أعتبر العضو الوحيد سواء بمجلس المدينة أو بمجلس مقاطعة عين السبع الذي يرفض كل التعويضات والامتيازات من محروقات وهواتف وغيرها، لأننا نؤمن بأن العمل الجماعي هو خدمة للمواطنين وعمل تطوعي.
ما الخطوات التي ترون ضرورة القيام بها بعد هذه الفضيحة التي عاشتها المدينة؟
يحب أولا تفكيك اللجينة المشكلة من طرف المكتب وتشكيل لجنة موضوعاتية من المجلس برمته بمختلف التلاوين والمكونات السياسية. ثانيا، يجب أن يتدخل المجلس الأعلى للحسابات، بفتح تحقيق في المشاريع المفتوحة، لأن ما وقع أساء لسمعة المغرب برمته، وليس فقط للدار البيضاء التي نراهن عليها لتكون مدينة ذكية لكنها ظهرت غبية وأساءت لصورة البلد خارج الوطن.
وزارة الداخلية بدورها مطالبة بالتحقيق في هذه القضية، وأن يتم إيفاد لجنة استطلاعية، وأن يتحلى عمدة المدينة بالجرأة ويعتذر على الأقل للبيضاويين.
كما نطالب بمراجعة العقد مع شركة ليديك، وإذا تبين أنها لم تلتزم به، فعليها الرحيل، لأنه قد حان الأوان كي تدفع تبعات الكارثة ومن بعد هي تْمْشي تْشْكي كما تتعامل مع المواطنين خلَّصْ وْشْكي.
[embedded content]