مشهد فظيع ذاك الذي بصم عليه المجلس البلدي لبومالن دادس، بإقليم تنغير عندما أقدم أعوانٌ مكلفون بقتل الكلاب الضالة بالرصاص الحي على رمي مجموعة من الجِراء الصغيرة في حفرة كبيرة وهي حيّة، بعد قتل أمهاتها، ما خلّف ردود فعل غاضبة من طرف عدد من سكان المنطقة ورواد الشبكات الاجتماعية.

ويُظهر مقطع فيديو قام بتصويره أحد المشرفين على عملية قتل الكلاب الضالة ببومالن دادس شابّين يرتديان سُترتين برتقاليتين وهما يسحبان جثث كلاب مقتولة من على متن سيارة ملطخة بالدماء ويرمونها في “مطمورة”، وسط أنين الجراء الصغيرة التي لم تسْلم بدورها من الطمر رغم أنها كانت تنبض بالحياة.

مشهد طمر الكلاب التي اقتنصها القناصون بالسلاح الحي في جماعة بومالن دادس ازداد قسوة عندما أتمّ الشخصان مهمة التخلص من الكلاب المقتولة، حيث عمدا، ببرودة دم كبيرة، إلى حمل الجراء الصغيرة التي ارتفع أنينها، ورميها بقسوة داخل “المطمورة” الموجودة في أرض خلاء.

ولم يكتف أحد الشابّين اللذين ارتكبا هذه “المجزرة” بوأد الجراء الصغيرة الحية، بل حرص حين أتى على آخر جرو على أن يوثّق ذلك بنوع من الزهو، حيث حمل الجرو الصغير بين يديه وقرّبه إلى عدسة الكاميرا، ثم رماه في الحفرة، فيما رفع زميله يديه إلى السماء كأنه حقق نصرا.

وخلف الفيديو الصادم انتقادات حادة من طرف مشاهديه، حيث وصف كثير من المعلقين عملية وأد الجراء الحية بـ”المجرة”، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عنها، فيما حمّل معلقون آخرون المسؤولية للمجلس الجماعي، باعتباره الجهة التي تكلف أعوانها بقتل الكلاب الضالة والتخلص منها.

وقال بطل رياضي من أبناء المنطقة، في مقطع فيديو، إن هناك طرقا كثيرة للتخلص من الكلاب الضالة دون قتلها بالرصاص الحي الذي يؤدي إلى ترهيب وتخويف السكان، مشيرا إلى الانتقادات الدولية التي طالت المغرب حين زارت لجنةُ تابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم مكلفة بالبت في الترشيحات لاحتضان كأس العالم 2026 مدينة أكادير، حيث صُدم أعضاء اللجنة بوجود خمسين كلبا مقتولا، ما عرّض المغرب لانتقادات واسعة في وسائل الإعلام الدولية.

وعقب الانتقادات التي تعرض لها المغرب آنذاك، عمدت وزارة الداخلية إلى توقيع اتفاقية مع الجماعات الترابية، ووزارة الفلاحة، والأطباء البياطرة، تنص على عدم قتل الكلاب بالطريقة التي كانت متّبعة، وهي تصفيتها بالرصاص، واللجوء بدل ذلك إلى تعقيمها تفاديا لتوالدها وتكاثرها.

وعلى الرغم من أن وزارة الداخلية هي صاحبة هذه المبادرة، إلا أن مسؤولين ببعض الجماعات الترابية ما زالوا يتخلصون من الكلاب الضالة في المدن والقرى التي يسيرونها بالرصاص الحي، لكن لم يسبق أن تم التخلص من الكلاب حيّة بالطريقة المروعة التي طُمرت بها الجراء بعد قتل أمهاتها في جماعة بومالن دادس.

رئيس الجماعة، محمد قشا، حمّل المسؤولية للأعوان الذين قاموا بعملية قتل الكلاب، وقال إنه لم يوجه إليهم أي أمر بطمْر الجراء، وإنهم هم المسؤولون عن هذا الفعل، و”قد تم استدعاؤهم واتخذ في حقهم إجراء تأديبي”، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الجماعة عمدت إلى استرجاع الجراء التي تم طمرها ووضعت في مكان آمن.

وأفاد المتحدث ذاته بأن عملية قتل الكلاب الضالة التي تمت بتنسيق مع السلطات المحلية، “كانت إجراء اضطراريا بالنسبة لنا، لأننا نتلقى شكايات كثيرة من المواطنين الذين تشكل هذه الكلاب خطرا عليهم”، مضيفا: “نحن استنكرنا مشهد طمر الجراء وتصويره، لأن هذا ليس إنجازا لكي نقوم بتوثيقه بالصوت والصورة”.

وعلى الرغم من استعادة الجراء التي تم طمرها، كما جاء على لسان رئيس بلدية بومالن دادس، إلا أن استعادتها لم تكن ممكنة لو لم يتم نشر مقطع الفيديو الذي وثق العملية، وكانت ستموت في الخلاء دون أن يلتفت إليها أحد.

وتتجه واقعة طمر الجراء الحية بجماعة بومالن دادس، بإقليم تنغير، إلى تجاوز طابعها المحلي، حيث تم إنشاء عريضة على شبكة الإنترنت، من طرفة جمعية “مستقبلنا”، وقعها إلى حد الآن أزيد من أربعة آلاف شخص، تطالب بوقف ما سمته “عار قتل الكلبات المرضعات ودفن جرائها الأحياء بدم بارد”.

hespress.com