قال صندوق النقد العربي إن النموذج التنموي الجديد الذي يستعد المغرب لاعتماده يجب أن ينظر في إنتاج الثروة وتوزيعها، إضافة إلى إنتاجية العمل والقيمة المضافة والاهتمام بالرأسمال اللامادي والخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وتشغيل.

وذكر الصندوق، في تقرير أصدره الأسبوع الجاري حول موضوع “التخطيط الإستراتيجي الاقتصادي والرؤى المستقبلية في الدول العربية”، أن المخططات والإستراتيجيات القطاعية التي اعتمدها المغرب في السابق حققت بعض التقدم؛ لكنها تستلزم مزيداً من التجانس والانسجام مع السياسات العُمومية لبلوغ الأهداف المسطرة.

وحسب تحليل الصندوق، فإن المغرب يُواجه صُعوبات هيكلية تتمثل في التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وضُعف خلق فرص الشغل على الرغم من تحقيق نسب نمو، ناهيك عن ضعف القدرة التنافسية وارتفاع معدل البطالة لدى الشباب؛ وهو ما استدعى التفكير في إعادة النظر في النموذج التنموي الحالي.

ويُنتَظر من النموذج التنموي الجديد، الذي تسعى المملكة إلى اعتماده بحلول بداية السنة المقبلة، أن يُبلور جيلاً جديداً من الخطط الإستراتيجية القطاعية بهدف اعتمادها كركائز في إطار سياسة جديدة من التخطيط الإستراتيجي.

وأشار صندوق النقد العربي، وهو مؤسسة مالية عربية إقليمية تأسست عام 1976، إلى أن “النموذج التنموي الجديد المرتقب ينبغي أن يستفيد من المكتسبات المحققة، ويُحدد نقاط الضعف الموجودة من أجل بناء نموذج مغربي؛ لكن ذلك لا يمنع من الاستفادة من التجارب الأجنبية”.

ويَعتبر التقرير أن “النموذج التنموي يتطلب تشخيصاً للواقع بصورة صريحة وموضوعية، من خلال رصد المنجزات والوقوف على النقائص والعمل من أجل تزكية وتعضيد الإصلاحات التي أطلقت من قبل، مع تسريع وتيرة الإنجاز ومحاولة ربح رهان الفعالية”.

كما أكدت المؤسسة المالية الإقليمية أن “النموذج التنموي الجديد يجب أن يكون نموذجاً شاملاً يُعنى بكل مجالات التنمية ويَنظر في إنتاج الثروة وإنتاجية العمل والقيمة المضافة عن طريق المبادرة والإبداع”.

وحسب التقرير، يجب أن يكون النموذج التنموي المرتقب اجتماعياً تجسده العناية بالرأسمال اللامادي من خلال الخدمات الاجتماعية، وتوزيع الثروة والتعليم والصحة والتشغيل والنقل، مع بحث آليات توزيع الثروة لتحقيق عدالة اجتماعية.

ويرى خُبراء صندوق النقد العربي أن النموذج التنموي المغربي الجديد، الذي تسهر على إعداده لجنة عيّنها الملك محمد السادس، يجب أن يكون مستداماً يفكر في التغيير المناخي وقلة الماء والطاقة وصحة المواطنين وتلوث الهواء وجودة التغذية.

وحسب التقرير، يُمكن للمغرب، من خلال مكانته كمركز إقليمي، أن يلعب دور المستقطب للاستثمارات المباشرة الأجنبية في مجال الصناعة نحو دول إفريقية أخرى؛ مما يساهم في إنشاء شبكة إنتاجية على مستوى القارة تعمل على تعزيز موقع الجهة على مستوى سلاسل القيمة العالمية.

ويحمل قطاع الاتصالات فرصاً حقيقية للمغرب يمكن انتهازها بفضل خارطة الطريقة الجديدة للقطاع في أفق 2022 الجاري تنزيلها من طرف الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات لمواكبة التحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد الرقمي العالمي، سواءً على الجانب التقني أو من حيث استعمال المنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية عبر الهاتف.

وذكر صندوق النقد العربي، الذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، أن المغرب يَسعى دائماً إلى تكييف اختياراته على المدى القريب والمدى المتوسط والمدى الطويل أخذاً بعين الاعتبار التحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد على المستوى الإقليمي والعالمي.

وجاء في التقرير أن المغرب يقوم بإعداد مشاريع قوانين مالية بالنظر إلى التطورات الدولية في أسعار المحروقات وسعر الصرف والأداء الاقتصادي التجاريين الرئيسيين والطلب الخارجي، إضافة إلى النتائج التي سجلها الاقتصاد الوطني من الناحية الإجمالية والقطاعية.

hespress.com