
وذكّرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الولايات المتحدة، بأنها ضغطت قبل عدة سنوات حتى تجري طائرة الرئيس البوليفي حينها، إيفو موراليس، حتى تهبط هبوطا قسريا في مدينة فيينا، بعدما رفضت دول أوروبية عدة السماح لهذه الطائرة بالتحليق فوق أراضيها.
وكانت حجة الدول الأوروبية حينها الاشتباه في أن أن الموظف الفار من وكالة الأمن القومي الأميركي، إدوارد سنودن، المقيم في روسيا كان على متن الطائرة القادمة من موسكو، حيث حضر موراليس حينها مؤتمرا دوليا عام 2013.
ولدى تأكد المسؤولين في النمسا أن سنودن لم يكن على متن الطائرة، سمحت لطائرة الرئيس البوليفي بالمغادرة وإكمال طريقها.
وقوبل هذا الأمر باحتجاج شديد، خاصة من طرف دول أميركا اللاتينية، وكانت هناك الكثير من الانتقادات التي طالت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، آنذاك.
فرق بين الحالتين
لكن صحيفة “نيويورك تايمز” ترى أن هناك فرقا كبيرا بين حادثة طائرة الرئيس البوليفي، وما حدث قبل أيام في حادثة طائرة “رايان إير”.
وأوضحت أن الفرق يتمثل في أن الحادثة الأولى كانت في منع تحليق طائرة، فيما الحادثة الثانية كانت إجبار طائرة على الهبوط عنوة بسبب إنذار كاذب بوجود قنبلة على متن الطائرة، وفوق ذلك كله إرسال مقاتلة حربية لاعتراض سبيلها وجعلها تهبط عنوة في مطار بعينه.
وتنطوي حادثة خطف طائرة “رايان إير”، كما وصفتها الدول الغربية، في أن بعض لا يتورعون عن انتهاك القوانين والمعايير الدولية من أجل قمع معارضيهم.
وضربت الصحيفة الأميركية أمثلة على ذلك، فقالت إن ما تعرض له الجاسوسان الروسيان ألكسندر ليتفينينكو وسيرغي سكريبال، والأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون هي من بين أكثر الأعمال شهرة في هذا المضمار، حيث ارتكبت جرائم بحق هؤلاء في دول أخرى.
وربما لا يكون إجبار طائرة على الهبوط القسري على نفس درجة من القسوة التي تمثلها عمليات الاغتيال، لكن مع إدخال الرئيس البيلاروسي، ألكساندر لوكاشينكو، عمليات خطف الطائرات في هذا المضمار، فإن عمليا يوسع نطاق حربه على المعارضين، بما يهدد أيضا رعايا دول أخرى، بحسب الصحيفة.
واعتبر وزير الخارجية الإيرلندي، سيمون كوفيني، أن ما حدث هجوما شرسا على شركة طيران إيرلندية مسجلة في بولندا، ومليئة بالأوروبيين الذين كانوا يسافرون بين اثنين من دول الاتحاد الأوروبي.
“تعدى الحدود”
وعلقت صحيفة “نيويورك تايمز” على حادثة اعتقال الصحفي بعد الهبوط القسري، تظهر أن لوكاشينكو ذهب بعيدا في قمعه،وينبغي أن يكون الرد سريعا.
واعتبرت أن الحكام المستبدين يتطلعون إلى توسيع قمعهم بما يتجاوز الحدود الدولية، ويتشجعون بشكل متزايد على القيام بذلك، فلقد فشل الردع في كثير من الحالات.
وكان الصحفي رومان بروتاسيفيتش يستقل طائرة من أثينا إلى فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، الأحد، قبل أن يجري اعتراض الطائرة التابعة لشركة “رايان إير” المنخفضة التكلفة.
وكان على متن الطائرة 171 راكبا، وكانت على وشك الوصول إلى وجهتها قبل أن يتم اعتراضها بزعم وجود إنذار يتحدث عن قنبلة على متنها، وإجبارها على الهبوط في مطار عاصمة بيلاروسيا، مينسك حيث تم اعتقال الصحفي هناك.
وتبين في وقت لاحق أن الإنذار كان كاذبا.
من هو الصحفي بروتاسيفيتش؟
ورومان بروتاسيفيتش صحفي من بيلاروسيا يبلغ من العمر (26 عاما)، وكان يعمل في منصة رقمية تدعى NEXTA مقرها في بولندا، وكانت متخصصة في نشر أخبارا ومقاطع فيديو عن الاحتجاجات ضد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، العام الماضي.
وشهدت بيلاروسيا احتجاجات عارمة في 2020، بعد أن أعلن لوكاشينكو فوزه في الانتخابات للمرة السادسة على التوالي، بينما أكدت المعارضة أن النتيجة مزورة.
ووجهت السلطات سلسلة من التهم إلى بروتاسيفيتش، منها تنظيم أعمال شغب جماعية والتحريض على الكراهية الاجتماعية، تتعلق بالاحتجاجات أواخر العام الماضي.
وينفي بروتاسيفيتش هذه المزاعم، لكنه قد يواجه عقوبة تصل إلى 15 عاما في السجن في حالة إدانته السلطات.