تظهر هذه الصورة الواسعة  منطقة السماء، في كوكبة المرقاب، حيث يوجد HR 6819. حقوق الصورة: ESO/Digitized Sky Survey 2/Davide De Martin


 

قد يكون هذا الثقب الأسود المُكتشف حديثاً أقرب ثقب أسود من الأرض على الإطلاق، ويمكنك رؤية موضعه الكوني في سماء الليل بدون تلسكوب.

ينتمي هذا الثقب الأسود، الذي يقبع على بعد 1000 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة المرقب الجنوبية، إلى نظام يضم نجمين مصاحبين ساطعين بما يكفي لرؤيتهما بالعين المجردة. لكنكم لن تكونوا قادرين على رؤية الثقب الأسود نفسه؛ إذ إنّ جاذبية الثقوب السوداء قوية للغاية لدرجةٍ لا تسمح لأي شيء – ولا حتى الضوء – بالهروب منها.

اكتشف علماء الفلك هذا الثقب الأسود أثناء دراسة ما اعتقدوا أنه مجرد نظام نجمي ثنائي، أي نجمان يدوران حول مركز كتلتيهما المشترك. كان العلماء يستخدمون تلسكوب MPG/ESO الذي يتمتع بقطر 2.2 متر في مرصد لا سيلا في تشيلي لرصد هذا الثنائي، المعروف باسمHR 6819، كجزءٍ من دراسةٍ أوسع للأنظمة النجمية الثنائية. عندما حللوا بيانات رصدهم، صُدم الباحثون عندما اكتشفوا وجود جسمٍ ثالثٍ مختبئ في النظام: ثقب أسود.

على الرغم من أنّ الفلكيين لم يتمكنوا من رصد الثقب الأسود بشكل مباشر، فقد كانوا قادرين على استنباط وجوده بناءً على تفاعله الجذبوي مع الجُرمين الآخرين في النظام. بعد رصد النظام لعدة أشهر، تمكنوا من تحديد مداري النجمين واكتشاف وجود جسمٍ ضخمٍ آخر غير مرئي في النظام.

أظهرت عمليات الرصد أيضاً أنّ أحد النجمين يدور حول الثقب الأسود كل 40 يوماً، بينما يدور النجم الآخر لوحده على بعد مسافةٍ أكبر بكثير من الثقب الأسود.

تُظهر هذه الصورة الفنية مدارات الأجرام في النظام الثلاثي HR 6819، الذي يتكون من نجمٍ ثنائي يدور فيه أحد النجمان (المدار الأزرق) حول ثقب الأسود (المدار الأحمر)، بينما يدور النجم الآخر في مدارٍ أوسع (المدار الأزرق أيضاً). حقوق الصورة: L. Calçada/ESO

تُظهر هذه الصورة الفنية مدارات الأجرام في النظام الثلاثي HR 6819، الذي يتكون من نجمٍ ثنائي يدور فيه أحد النجمان (المدار الأزرق) حول ثقب الأسود (المدار الأحمر)، بينما يدور النجم الآخر في مدارٍ أوسع (المدار الأزرق أيضاً). حقوق الصورة: L. Calçada/ESO

بعد إجرائهم للحسابات، استنتج العلماء أنّ ذلك الجسم هو ثقب أسود ذي كتلةٍ نجمية – أي ثقب أسود تكوّن نتيجة انهيار نجم محتضر – تعادل كتلته أربعة أضعاف كتلة الشمس.

قال توماس ريفينيوس Thomas Rivinius، عالم في المرصد الاوربي الجنوبي الذي قاد الدراسة الجديدة، في بيان: “لا يمكن لهذا الجسم غير مرئي الذي يمتلك أربعة أضعاف كتلة الشمس على الأقل أن يكون إلا ثقباً أسود. يحتوي هذا النظام على أقرب ثقب أسود معروفٍ من الأرض.”

بعد الثقب الأسود الخاص بنظام HR 6819، يقع أقرب ثقب أسود معروف على بعد 3000 سنة ضوئية تقريباً من الأرض في كوكبة وحيد القرن. لكن من المحتمل أنّ هناك ثقوباً سوداء أخرى مختبئةً على بعد مسافةٍ أقرب ولم تُكتشف بعد. يقدر علماء الفلك أنّ هناك ملايين الثقوب السوداء في مجرتنا وحدها.

يُعتبر الثقب الأسود في نظام HR 6819 من أوائل الثقوب السوداء المُكتشفة ذات الكتلة النجمية الموجودة في مجرتنا التي لا تطلق أشعةً سينية ساطعة بينما تتفاعل بعنف مع النجوم المصاحبة لها، ويمكن أن يساعد هذا الاكتشاف الباحثين على العثور على المزيد من الثقوب السوداء “الهادئة” المماثلة في مجرة درب التبانة، وذلك وفقاً للبيان.

قال ريفينيوس: “هناك مئات ملايين الثقوب السوداء، لكننا لا نعرف سوى عددٍ قليلٍ جداً منها. ستساعدنا معرفة ما يجب البحث عنه في العثور عليها.”

كيف يمكن رؤية HR 6819


على الرغم من أنكم لن تتمكنوا من العثور على الثقب الأسود أثناء التحديق في النجوم من حديقتكم الخلفية، إلا أنّ مراقبي السماء في نصف الكرة الجنوبي يمكنهم رؤية نجمي نظام HR 6819 في سماء الليل دون استخدام مناظير ثنائية أو تلسكوبات.

قال بيتر هادرافا Petr Hadrava، عالم فخري في أكاديمية العلوم في جمهورية التشيك في براغ ومؤلف مشارك للدراسة، في البيان: “تفاجأنا تماماً عندما أدركنا أنّ هذا هو النظام النجمي الأول المحتوي على الثقب الأسود الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة.”

يقع النظام الثلاثي HR 6819، الذي يتكون من نجمين وثقب أسود، في كوكبة المرقاب الحديثة، التي يمكن رؤيتها من نصف الكرة الجنوبي. يتمتع النجمان بسطوعٍ من القدر الخامس، ما يعني إمكانية رؤيتهما تحت سماء الليل الصافية بدون مناظير ثنائية أو تلسكوبات. (حقوق الصورة: SkySafari)

يقع النظام الثلاثي HR 6819، الذي يتكون من نجمين وثقب أسود، في كوكبة المرقاب الحديثة، التي يمكن رؤيتها من نصف الكرة الجنوبي. يتمتع النجمان بسطوعٍ من القدر الخامس، ما يعني إمكانية رؤيتهما تحت سماء الليل الصافية بدون مناظير ثنائية أو تلسكوبات. (حقوق الصورة: SkySafari)

يظهر الثنائي كنجمٍ واحدٍ من القدر الخامس في كوكبة المرقاب الحديثة، بالقرب من حدود كوكبة الطاووس. على مقياس القدر الظاهري للسطوع، تشير الأرقام الأصغر إلى الأجرام الأكثر سطوعاً، بحيث تتمتع أخفت الأجرام المرئية للعين البشرية بقدرٍ يساوي 6.5. يتمتع نظام HR 6819 بقدرٍ يساوي 5.4 – أكثر سطوعاً بقليل من أورانوس، الذي هو أخفت الكواكب في السماء – أي بالكاد يمكن رؤيته بالعين المجردة.


nasainarabic.net