ومنذ الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان بإقليم هوبي في الصين في أواخر ديسمبر الماضي، وحتى اليوم، فإن الملاحظ هو فداحة تأثير الوباء على الأنظمة الصحية في العالم، خصوصا في الصين وأوروبا والولايات المتحدة.
وتعد هذه الدول من أقوى الاقتصاديات في العالم، فكيف سيكون تأثيره على المناطق الأشد فقرا وذات الأنظمة الصحية الهشة، كما هو الحال في أفريقيا.
ومنذ أن تفشى الفيروس، وقبل أن يتحول إلى وباء، ومنظمة الصحة العالمية تعرب عن قلقها من انتشار الفيروس في أفريقيا، وذلك لهشاشة الأنظمة الصحية هناك.
الصمود ثم الاختراق
وصمدت القارة الأفريقية طويلا أمام انتشار فيروس كورونا الجديد، لكنه نجح في اختراقها على الرغم من الحظر على التجمعات وإغلاق المدارس والحانات والمطاعم والقيود المفروضة على التنقل والسفر الجوي، وصار الفيروس موجودا في أكثر من 40 دولة أفريقية، بحسب ما ذكر فرع القارة الأفريقية في منظمة الصحة العالمية مؤخرا.
وحتى يومنا هذا، بلغ إجمالي الإصابات المؤكدة بالفيروس في الدول الأفريقية 2327 إصابة، إلى جانب 63 حالة وفاة، بحسب الإحصائيات الرسمية لدول القارة.
ماذا يعني هذا في أفريقيا؟
ربما تكون معاناة الأنظمة الصحية في العديد من الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وإسبانيا على وجه الخصوص، واضحة تماما لكثير من الناس على الرغم من أنها دول متقدمة.
وفي المقابل، من المعروف، من خلال مراقبة حالات لتفشي أوبئة سابقا مثل إيبولا، أن الأنظمة الصحية في أفريقيا تتسم بالهشاشة، كما تعاني من نقص شديد في الموارد.
وبالتالي فإن انتشار الوباء في أفريقيا قد يكون وبالا على الدول وشعوبها عموما، وعلى الأنظمة الصحية بشكل خاص، ومن ثم على اقتصادياتها، وتحديدا في الدول الأشد فقرا في القارة.
والأمل في تفادي مثل هذه الكارثة في أفريقيا بالطبع هو التوصل إلى علاج للفيروس في أسرع وقت ممكن.
تفاؤل وأمل
وهناك من يقول إن الدول الأفريقية قد لا تعاني كثيرا من تفشي وباء كوفيد-19 فيها، ويعزون السبب إلى خبراتها السابقة في التعامل مع الأوبئة التي تفشت لديها سابقا.
وتأمل دول القارة، بما فيها الكاميرون، أن تساعد خبرتها في التعامل مع الإيبولا وغيرها من الأوبئة نظامها الصحي على التعامل مع جائحة قد تنتشر فيها بسرعة.
ومع ذلك، تظل المخاطر كبيرة، فإذا وصل المرض إلى المناطق الأشد فقرا في القارة، فإن عوامل كالظروف المعيشية البائسة والازدحام قد تجعله ينتشر بسرعة البرق، خصوصا وأن المستشفيات في أنحاء القارة مثقلة بالفعل بحالات الحصبة والملاريا وغيرهما من الأمراض المعدية، ناهيك عن تأثير الصراعات التي أدت إلى نزوح مئات الآلاف ودمرت البنية التحتية.
العزل الذاتي والتباعد الاجتماعي
كثر في الآونة الأخيرة التشديد على مسائل وقائية مثل العزل الذاتي والتباعد الاجتماعي، باعتبارها من بين الوسائل المهمة في مكافحة انتشار الفيروس، ولكن هل من الممكن تطبيق مثل هذه التدابير والإجراءات في أفريقيا؟
لا شك أن مطالبة الناس بالعزل الذاتي في المنزل قد لا تكون مسألة عملية بالنسبة لكثير من الشعوب في أفريقيا، حيث تعيش عائلات كبيرة في غرفة واحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، يلاحظ أن كثيرا من العائلات تتشارك عائلات أخرى في الحي في صنابير المياه والمراحيض، وتعيش على ما تكسبه من العمل اليومي.
ولهذا قال رئيس المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، جون نكنغاسونغ “على أفريقيا أن تستعد لتحد كبير. ما زلت أعتقد أن احتواء التفشي ممكن، لكن من خلال توسيع الفحص والمراقبة”.
نقص الموارد
ويمكن إدراك مدى خطورة الوضع في العديد من الدول الأفريقية من خلال تصريح مدير حوادث التفشي في وزارة الصحة بجنوب السودان أنجوك جوردون كول الذي قال إنه “لا يوجد لدى الحكومة سوى 24 سريرا لعزل المرضى”.
وإلى جانب ذلك، فإن كثير من الناس في القارة السمراء لا يمتلكون مياه نظيفة، ناهيك عن النقص في الموارد للتعامل مع تفشي الفيروس وعدم وجود ما يكفي من العمالة المدربة في قطاع الصحة.
وفي الأثناء، تتعاون المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التي أنشأها الاتحاد الأفريقي في 2017، مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز التنسيق في مواجهة الطوارئ وتحسين الفحص والمراقبة وتجهيز مراكز العلاج، على أمل تجاوز هذه المحنة الخطيرة.